| 0 comments ]

> >

شوفي مافي - قبيلة العمرو قبيلة عربية جليلة ذات حسب ونسب وهي من أجل قبائل الأردن وأعرقها نسبا وقد لعبت دورا هاما في تاريخ جنوبي الأردن لا سيما في بلاد الكرك في القرون الأخيرة وهم أصحاب عزة وأنفة وكبرياء يشهد لهم بها العدو قبل الصاحب وهم ينتشرون في أنحاء متفرقة من بلاد الأردن وفلسطين وشمالي الحجاز والديار المصرية . قال الرحالة الفرنسي جوسان فيما كتبه عنهم عام 1906م: " كانوا أقوياء فيما مضى . كانوا يسيطرون على البلاد وعندما كان أحدهم يدخل مجلسا يقف الجميع احتراما له ولم يكن أحدهم يجرؤ على شرب القهوة قبل أن يقدم له الفنجان الأول " أ . هــ وقد وصفهم البيان الرسمي الذي أعده ضباط القوى السيارة وتم تقديمه للحكومة الأردنية عام 1922م بأنهم: " أقدم عشائر الكرك وأعرقها نسبا " أ . هــ وقال الدكتور احمد عويدي العبادي في حديثه عنهم: " كانوا أسيادا في منطقة الكرك أ . هــ ووصفهم حسين باشا الطراونة بقوله: " العمرو سكان البلاد الأصليون وأصحاب السيطرة فيها أ . هــ وقال الدكتور يوسف سليم العزيزات: " العمرو حكام الكرك الأصليين أ . هــ وقال روكس بن زائد العزيزي: " أفحش العمرو في الظلم والكبرياء حتى ضرب المثل بكبريائهم وعجرفتهم وما زال أهل الكرك يقولون " مثل جبرة العمرو " والجبرة قطعت العمرو والجبرة في اللهجة الأردنية تعني الطغيان وقد كانوا يفرضون على مواطنيهم إتاوة يسمونها الخاوة أ . هــ وقال الدكتور يوسف سليم الشويحات العزيزات: " إن حكم العمرو سكان الكرك الأصليين كان حكما استبداديا شديدا على جميع السكان المسلمين والمسيحيين على حد سواء وقد طلب أهالي الكرك مساعدة بني صخر والحجايا لقاء دفع خاوة لهم فقضوا بذلك على العمرو " وأضاف يقول: " كان أهالي الكرك نصارى ومسلمون يدفعون الخاوة لبني صخر والحجايا لمساعدتهم لهم بطرد العمرو من الكرك سنة 1810م الذين استبدوا بسكان الكرك استبدادا لا مثيل له مثال ذلك إذا مر أحد العمرو على فلاح يزرع أرضه يقول له أنا شريكك في الأرض وفي وقت الحصاد يأتي ويأخذ حصته وفي بعض الأحيان كانوا يقرنون الرجال مثل البقر ويجعلونهم يدرسون على الشوك وهم حفاة " مجلة الدومينيكان 1905 أ . هــ 

وقد ظل العمرو سادة الكرك إلى أن تحالفت عشائر الكرك مع القبائل المجاورة وهم بنو عطية وبنو حميدة وبنو صخر والحويطات والحجايا وقاموا بمهاجمة العمرو مما أدى إلى هزيمتهم وتفرقهم في أنحاء مختلفة في الأردن وفلسطين وقد بقيت لهم بقية في بلاد الكرك إلى يومنا هذا. قال روكس العزيزي: " الانتصار على العمرو جاء بشيء من الذل للكرك إذ فرض الصخور الخاوة على بعض عشائر الكرك وأخذ الحمايدة بعض الأراضي ومثلهم فعل الحجايا" أ . هــ 
# ديار العمرو القديمة #
حدثني الشيخ مد الله بن غافل بن محمد ابن ثبيت العمري شيخ قبيلة العمرو في بلاد الكرك رحمه الله تعالى فقال : هاجر العمرو من اليمن . وقال الأستاذ علي نصوح الطاهر رحمه الله تعالى وهو من الجرادات من العمرو نقلا عن العمرو في بلاد الكرك: " هاجرت عشائر العمرو من زندع في الحجاز " أ . هــ وقد ذكر لويس موسل فيما نقله عن قبيلة العمرو في بلاد الكرك قبل نحو قرن من الزمان أن العمرو هاجرو من زندع في شمالي اليمن . وقال الأستاذ محمد المدني: " نزحت عشائر العمرو من منطقة اليمن " وقال نقلا عن مختار قرية المغير من قرى العمرو في بلاد الكرك عيد بن صالح بن فلاح اللحاوية العمرو: " إن العمرو أصلهم من اليمن " وأضاف المدني يقول: " ذكر لي الشيخ مد الله أن عشائر العمرو نزحوا من اليمن " ونقل المدني عن عودة الله جدعان النميرات العمرو انه قال: " إن قبيلة العمرو ترجع بأصولها من اليمن " أ . هــ . وحدثني الشيخ عيد بن صالح اللحاوي العمري فقال: كانت ديار العمرو في بلاد اليمن ومن معالمها زندع وقد قيل أنه اسم ماء من مياههم " . وقد امتدت ديارهم إلى نواحي مكة المكرمة فقد جاء في بيان القوة السيارة المدون عام 1922م في ذكرهم : " انهم من المحافظين على الكعبة قبل الإسلام" أ . هــ وقال علي نصوح الطاهر : " يدعي شيوخ العمرو حسب ما توارثوه من روايات أنه كانت لهم خدمة قبل الإسلام في البيت الحرام بمكة وتدعي إحدى فرقهم أنها كانت تشعل الكعبة ليلا فسموا بالمشاعلة أ . هــ ورغم ضعف هذه الرواية بل شذوذها إلا أنها تفيد أنه كانت للعمرو صلة ببلاد مكة المكرمة وذكر نبيل عمرو أن العمرو هاجروا من مكة على اثر اختلافهم مع الشريف أ . هــ وحدثني الشيخ عيد بن صالح اللحاوي العمري فقال : أراد العمرو الذهاب إلى مكة المكرمة للتسوق منها فلما علم بهم الشريف عون طلب منهم مقابل السماح لهم بالتسوق أن يحضروا له مائة فرس من خيلهم .
قلت : هذه الرواية تفيدنا بقرب ديار العمرو من مكة المكرمة والقول أن شريف مكة آنذاك اسمه عون غير صحيح . ومما يذكر من ديار العمرو وادي الحرير فقد حدثني محمد بن سليم أبو عنيز المسعودي فقال : حدثني ابن وقاد البدراني فقال : هاجر المساعيد والبدارين من وادي الحرير في الحجاز . 
قلت : البدارين فرع من قبيلة العمرو وهؤلاء أبناء عمومة المساعيد وقد كانوا قبيلة واحدة ثم أصبحوا فيما بعد قبائل متعددة . ووادي الحرير من ديار المساعيد قال إحسان النمر رحمه الله تعالى في كتابه الصادر عام 1938م في حديثه عن قبيلة المساعيد في فلسطين : " المساعيد : هم من وادي الحرير في الحجاز " أ . هــ وقال نسيم العكش : " أصل عشيرة المساعيد من الديار الحجازية من وادي الحرير " أ . هــ وقال الشاعر محمد بن عيسى العقرباوي من قصيدة له يمدح فيها الأمير عبد الله بن ضامن أبو لفيتة المسعودي رحمه الله تعالى سنة 1946م : 
أنت مسعودي ومن وادي الحرير ********** من أشراف القوم من روس السياد 
وحدثني الحاج فاضل بن فياض المسعودي والشيخ مشهور بن ضامن المسعودي ومحمود بن حسن الديك المسعودي وجميعهم من مساعيد فلسطين فقالوا : قدم المساعيد من وادي الحرير في الحجاز . وحدثني الأستاذ فايز أبو فردة فقال : يروي الحناحنة وهم فرع من قبيلة العمرو انهم قدموا هم والمساعيد من وادي الحرير في الحجاز . ومن ديار العمرو أيضا وادي الليث فالمحفوظ عند المساعيد أنهم قدموا من وادي الليث في جنوبي الحجاز . ذكر الرحالة الفنلندي جورج أوغست فالن في رحلته إلى شمالي الحجاز عام 1848م في ذكر قبيلة المساعيد إن قبيلة المساعيد تقول أنها نزحت في البدء من وادي ليف في اليمن . 
قلت : ليف تصحيف ليث فصواب وادي ليف : وادي الليث وهو المحفوظ عند المساعيد إلى يومنا هذا قال احمد الفسفوس : " جاء المساعيد من وادي الليث في الحجاز " أ . هــ وقد حدثني الحاج سالم بن غانم الأحيوي المسعودي والحاج سليمان بن فراج الأحيوي المسعودي وهما من كبار قبيلة الأحيوات المساعيد ورواتها فقالا : جاء المساعيد وبنو عقبة من وادي الليث في اليمن . 
قلت : يعني الراويان ببني عقبة قبيلة العمرو التي حملت اسم بني عقبة بعد محالفتها لهم وفي ذكر قدوم قبيلتي المساعيد والعمرو سوية من ذات الديار قال نعوم شقير في كتابه الذي أنجزه عام 1906م فيما نقله عن الأحيوات في سيناء : " إن المساعيد ارتحلوا هم وبني عقبة من نجد " أ . هــ .
قلت : الصحيح المحفوظ أنهم ارتحلوا من وادي الليث في جنوبي الحجاز . 



# سبب الهجرة # 



حدثني الشيخ مد الله بن غافل العمري شيخ قبيلة العمرو رحمه الله تعالى فقال : جاء العمرو من اليمن بسبب المحل . وقد ذكر الأستاذ محمد يوسف العملة من العمرو سببا آخر للهجرة فقال : " إن عشائر العمرو جاءت من الجزيرة العربية والحجاز تلبية لدعوة صلاح الدين الأيوبي أثناء فتحه بيت المقدس وبلاد الشام من الإفرنج وهم سبعة أمراء وكل أمير له عشيرة " أ . هــ وقال : " هذه القبيلة .... لبت نداء صلاح الدين الأيوبي لتطهير بيت المقدس وبلاد الشام من الإفرنج الغرباء في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي بزعامة الأمير عمرو الذي نصب أعلى سلطة من قبل القبائل التي لبت نداء الجهاد وأطلق عليه اسم عليم أي أعلى سلطة لهذه الجموع " أ . هــ وأضاف يقول : " ومن مطالعتي المعجمات والكتب واستماعي إلى أحاديث كبار السن أن عشائر العمرو جاءت من الحجاز " أ . هــ 
قلت : تفيدنا بعض المعلومات المتوفرة أن وجود قبيلة العمرو في شمالي الحجاز وبلاد الشام أقدم تاريخا من عهد صلاح الدين الأيوبي والله تعالى أعلم . والحق أن سبب هجرة العمرو وإخوانهم المساعيد هو المحل الذي دفعهم إلى المسير إلى بلاد شريف مكة مما أدى إلى التصادم بينهما ومن ثم ارتحل العمرو والمساعيد إلى شمالي الحجاز ثم شاركوا فيما بعد في الحروب ضد الصليبيين كما سيأتي بيانه . 
*أحداث الهجرة * 
هاجر العمرو من ديارهم إلى ديار كان يسيطر عليها شريف مكة المكرمة فقد دفعهم المحل إلى البحث عن مراع مناسبة لمواشيهم قال علي نصوح الطاهر : " يذكر العمرو الكركيون المعاصرون من حوادث تاريخهم انه حدثت مجاعة شديدة " قال : " فهاجرت عشائر العمرو من زندع في الحجاز إلى أراضي جيدة تخص الشريف " أ . هــ ويبدو أن الشريف فرض عليهم ضريبة يؤدونها إليه في كل عام حدثني عطا الله العمرو فقال : كان العمرو يؤدون لشريف مكة خمس رؤوس من الخيل كل سنة " قال : وقد كاد لهم بعض خصومهم عند شريف مكة الذي طلب منهم خمسين فرسا من أصائل خيلهم وكانت هذه الخيول لفرسان من قبيلة العمرو وشيوخها وقد حدد الشريف أسماء هؤلاء الفرسان الذين يريد خيولهم فطلب العمرو منه إمهالهم لجمع الخيول المطلوبة . وحدثني الشيخ مد الله بن غافل العمري شيخ قبيلة العمرو رحمه الله تعالى فقال : أثناء مرور العمرو بالحجاز طلب شريف مكة منهم عشر الإبل فطلبوا منه مهلة مدتها أربعين يوما . وحدثني الشيخ عيد بن صالح اللحاوي العمري فقال : طلب شريف مكة من العمرو لكي يسمح لهم بالتسوق في مكة مائة فرس وقد حدد لهم الخيول التي يريدها وكانت خيولا أصيلة . وقال الأستاذ علي نصوح الطاهر رحمه الله تعالى : " أرسل إليهم رسولا طلب فيه ؟ ربع ابله وعشر خيولهم وسبع فتيات من بنات أمرائهم وكان عدد أمراء العمرو سبعة وهم : ابن ثبيت والمسعودي وابن جراد وابن وادي وابن قيصومة وابن ياسر وابن الفضل " قال : " وكان مع كل أمير سبع عشائر " أ . هــ وقال يوسف قدورة : " هاجرت من الحجاز قبيلة تدعى بني عمرو هربا من دفع الضريبة السنوية لشريف مكة " أ . هــ وقال جورج سابا وروكس بن زائد العزيزي : " كان العمرو ( أو بنو عقيلة ) من أقوى قبائل الحجاز وما كانوا يدفعون لشريف مكة إلا إتاوة سنوية قدرها أربعة رؤوس من الخيل العربية وتخاصم العمرو والشريف إذ أراد أن يرفع الجزية إلى خمسين رأسا من الخيل وألف بعير " أ . هــ وذكر الأستاذ نبيل عمرو رحمه الله تعالى أن العمرو هاجرو من مكة اثر اختلافهم مع الشريف " أ . هــ وفي إشارة إلى شيء من هذه الأحداث قال الأستاذ جميل حسين السلحوت والدكتور محمد سالم شحادة في حديثهما عن السواحرة من فروع قبيلة العمرو فيما نقلاه عن بعض معمري السواحرة كما سمعه بالتواتر عن آبائه وأجداده بان أصلهم : " يعود إلى سبعة أشخاص كانوا يقطنون الجزيرة العربية وكانوا أقارب يعيشون حياة البادية حياة التنقل والحل والترحال والسلب والنهب وكان أن حدث صراع بين الأقرباء السبعة ذات يوم ومجموعة أخرى من الأعراب البائدة المجاورة لهم " أ . هــ .
قلت : هذه الرواية تشير إلى أمراء العمرو السبعة وتشير إلى خلافهم مع شريف مكة وفي حديثه عن قبيلة السواحرة قال المستشرق الألماني أوبنهايم : " تقول حكايات القبيلة أن السواحرة تركوا الحجاز لأنهم ضاقوا ذرعا بالضرائب العالية التي فرضها عليهم الشرفاء هناك " أ . هــ والحاصل من هذه الروايات والنصوص أن قبيلة العمرو كانت تؤدي ضريبة صغيرة إلى شريف مكة المكرمة فلما أمحلت ديارهم وارتحلوا إلى ديار تخص شريف مكة استغل بعض خصومهم حاجتهم لتلك الديار ذات المراعي المناسبة فكادوا لهم عند الشريف وأوغروا صدره عليهم وأغروه بخيولهم وابلهم وحددوا له أسماء أصحاب الخيول الأصيلة فكان أن طلب منهم الشريف ذلك ولم يكن بإمكان العمرو تلبية مطلب الشريف . أما قول الأستاذ علي نصوح الطاهر أن الشريف طلب بنات أمرائهم السبعة فغير معقول إلا إذا تعمد الشريف إذلالهم وتحقيرهم . قال الأستاذ علي نصوح الطاهر : " وقد اجتمع الأمراء للتشاور في طلب الشريف " قال : " واعتبروه إهانة فبيتوا أمرا وذهب وفد منهم لمقابلته فطلبوا منه أن يمهلهم أربعين يوما ليفكروا في أمرهم فقبل منهم الشريف ذلك على مضض " أ . هــ . وقد طلب العمرو هذه المهلة ليفكروا في الأمر ويحتالوا لأنفسهم للخلاص من هذه المكيدة قال الأستاذ علي نصوح الطاهر : " وكانت هذه حيلة من العمرو تعمدوا من ورائها كسب الوقت لإراحة خيولهم وجمالهم واسترداد قوتها حتى إذا ما فكروا في دخول حرب مع الشريف استطاعوا خوضها فضرب العمرو خيامهم وأرسلوا حيواناتهم ترعى واستراحوا وشبعت خيولهم وفي نهاية الأربعين يوما وكانوا قد اتفقوا على الرحيل في ظلام الليل . غادروا واتجهوا نحو ماء يسمى جار مزند " أ . هــ وحدثني عطا الله العمري فقال : طلبوا من الشريف مهلة لجمع الخيل وتشاوروا في أمرهم وأدركوا أن الأمر مكيدة لإضعافهم وقد استقر قرارهم على إلا يعطوا خيلهم لشريف مكة واتفقوا على الرحيل ومغادرة المنطقة إلى الشمال وكان من العمرو عائلة معروفة بحسن الرأي تعرف أهل الشور واشتهرت بجودة المشورة وكان بقية هذه العائلة فتى صغير وكانت له أخت تكبره في السن فسألوها فقالت : العقصة ما تبدي على الشارب أي أن الضفيرة لا تتقدم على الشارب أي أن الأنثى لا تتقدم على الذكر وقالت : اذهبوا إلى أخي واستشيروه فذهبوا إليه وأخبروه بالأمر وسألوه أن يشير عليهم فأشار عليهم أن يرتحلوا ليلا حتى لا يعلم بهم رجال الأمير وعيونه الذين يرصدونه إلا في الصباح وطلب منهم أن يربطوا كلابهم عند بيوتهم وان يجمعوا حرز أي بعر الإبل ليوقدوا نارا عند كل بيت من بيوتهم فيظن عدوهم انهم لا زالوا موجودين فيما يكونون قد ارتحلوا ليلا فلا يعلم عدوهم برحيلهم إلا صبيحة اليوم التالي وأوصاهم بالمسير إلى عين مزند والاستراحة عندها وسقي ابلهم وخيلهم ومواشيهم فإذا ما طاردهم الشريف كانوا على أتم استعداد لمقابلتهم ومقاتلتهم وهم تعبون من المطاردة ويعانون من العطش . قال ك فصنع العمرو ذلك فخدع مراقبوهم وقد أعد العمرو عدتهم للحيل فارتحلوا ليلا وقد نسوا في غمرة انشغالهم بالرحيل أن يرحلوا الفتى وأخته معهم فظلا في ديارهم وفي الصباح اكتشف عيون الشريف رحيل العمرو فاخبروا الشريف بذلك فقرر مطاردتهم وكان جند الشريف قد أمسكوا بالفتى العمري وأخته عندما وجدوهما في منازل العمرو فلما رآهما الشريف سال الفتى عن قومه العمرو فقال : 
العمرو الفرسان وردوا مزند ********** وطوال القنا إلا حاربوك يا أمير شقيت
وحدثني الشيخ مد الله بن غافل العمري شيخ قبيلة العمرو رحمه الله تعالى فقال : لما سألوا الفتى أجابهم بقوله :
العمرو زندع وردوا مزند ********** طوال القنا وان حاربوك شقيت 
فسألوا الفتاة فقالت : 
العمرو عنابر العرب حب منقى ********* والغلث حلوين مرين عند مالهم 
وحدثني الشيخ عيد بن صالح الحاوي العمري فقال : لما طلب الشريف من العمرو المائة فرس التي حددها لهم تشاور العمرو في أمرهم وأدركوا أنه لا يمكنهم إعطاء الشريف المائة فرس وكان عندهم عائلة تعرف بأهل الشور وكان بقيتهم بنت واحدة ولها أخ صغير السن فسار العمرو إلى الفتاة فقالت لهم : العقصة ما تبدي على الشارب وطلبت منهم السير إلى أخيها فساروا إليه وكان يلعب مع الأولاد فلما أبصر بهم مقبلين نحو البيت أسرع إلى البيت ولبس ثوبا جديدا وخرج يستقبلهم فلما التقاهم أخبروه الخبر وقالوا له انه لا يمكنهم أن يعطوا خيولهم للشريف فقال لهم : اطلبوا من الشريف مهلة شهر لجمع الخيل وخلال هذا الشهر اجمعوا حرز الإبل وعند انتهاء المدة اربطوا كلابكم على مراحكم وارحلوا وسيروا إلى عين مزند فإذا ما وصلتموها فاستريحوا وأريحوا ابلكم واسقوها وتهيأوا لمحاربة الشريف فانه سيطاردكم فإذا ما وصل إليكم تكون خيول جيشه متعبة ورجاله منهكون متعبون ظمآنون بسبب المطاردة فتهاجمونهم فتنتصرون عليهم فلما أتم الفتى مشورته قرر العمرو الأخذ بها فساروا إلى الشريف وطلبوا منه مهلة شهر لتنفيذ طلبه فأعطاهم الشريف المهلة المطلوبة وطلب الشريف من رجاله أن يرصدوا العمرو ويرقبوهم خلال تلك المهلة ولما كانت الليلة التي قرر العمرو فيها الرحيل نفذ العمرو خطتهم وكان رجال الشريف يرقبونهم فلما رأوا نيرانهم وسمعوا نباح كلابهم اطمأنوا بأن العمرو مقيمون فيما كان العمرو قد أعدوا عدتهم للارتحال فارتحلوا وفي غمرة انشغالهم بالرحيل نسي العمرو أخذ الولد وأخته فظلوا في منازل العمرو وفي صباح اليوم التالي اكتشف رجال الشريف ارتحال العمرو ليلا واكتشفوا خدعة العمرو لهم فساروا إلى الشريف واخبروه بذلك فما كان منه إلا لأن أعد جيشه وساروا إلى ديار العمرو فلم يجدوا إلا الفتى وأخته فلما أحضرا أمام الشريف سألوا الفتى عن العمرو فقال : 
العمرو الفرسان وردوا مزند ********* طوال القنا وان حاربوك يا شريف شقيت 
فلما سمع الشريف ذلك حث السير برجاله قاصدا عين مزند . وقد بين تفاصيل قصة ارتحال قبيلة العمرو المستشرق لويس موسل فيما نقله عن العمرو في بلاد الكرك قبل نحو قرن من الزمان فقال : " كان العمرو يؤدون إلى شريف مكة تحت ما يسمى القود أربعة أفراس سنويا غير أن الشريف بناء على رأي مستشاره رأى أن الأربعة أفراس غير كافية حيث أشار عليه مستشاره أنه يجب على العمرو أن يؤدوا إلى الشريف خمسين فرسا وألف بعير من ابلهم فوافق الشريف علة هذه النصيحة وقال لمستشاره : دون لي أسماء أفضل خيلهم وائتني بها ، ولما جاء العمرو يؤدون الأربعة أفراس لم يأخذها الشريف منهم وقال لهم : لي عندكم مراد ، فقالوا له : وما مرادك ؟ فأخبرهم بما تم الاتفاق عليه مع مستشاره وسمى لهم الخيل بأسمائها فقالوا له : هذا أمر بسيط لا يضرنا فسواء أكانت الخيول عندنا أم عند الشريف حامينا وراعينا فكله سواء ، ثم استأذنوه وقالوا : ارخص لنا بالذهاب لجمع الخيل ، ولما عادوا إلى مضاربهم سألهم شيخهم هزاع النصيري إن كانوا ينوون إعطاء الشريف ما أراده أم لا ؟ فأجابوه قولهم : نحن لسنا فلاحين ولسنا جبناء ، وحينئذ أمر هزاع قومه بان يمتطوا ركائبهم للبحث عن موطن جديد وقال لهم : هدوا البيوت للرحيل إلى مزند ، وهذا ما حصل بلا تردد وقد جمع المحاربون أنفسهم في منتصف الليل في طابور من صفين وجعلوا الصغار والنساء في وسطهم للحماية وساروا بعد أن ربطوا كلابهم التي تنبح خلفهم في مكان تخييمهم " أ . هــ وقال الأستاذ علي نصوح الطاهر رحمه الله تعالى : " فلما علم الشريف في الصباح بأمرهم جهز حملة من جيشه واقتفى آثارهم ومر أثناء ذلك فتى وصبية من العشائر الراحلة فاحضر الفتى وسأله عن عشائر العمرو فأجابه :
العمرو زندع وردوا مزند ********** طوال القنا وان حاربوك أشقيت 
فامتعض الشريف من قوله وتشائم وأمر بإحضار الصبية وسألها عنهم فقالت : 
العمرو زندع وردوا مزند ********** طوال القنا وان حاربوك أشقيت 
حلوين مرين عند مالهم ********** حبا منقى والغلث بالسبايب 
فازداد غضب الشريف " قال : " وتهيج من أقوالهما ولحق بالعمرو على ماء مزند " أ . هــ وقال لويس موسل : " انتظر الشريف أن يأتي العمرو بما طلبه منهم إلا أنهم لم يأتوا وفي هذه الأثناء وصل تجار متجولون إلى الشريف واخبروه أن العمرو قد اختفوا من ديارهم فما كان من الشريف إلا أن أرسل فرقة إلى مضاربهم للتحقق من ذلك فلم يجدوا إلا الكلاب التي تنبح وقد وجدوا أن آثارهم تدل على أنهم اتجهوا شمالا وحينئذ وضع الشريف نفسه على راس جيش لتعقب العمرو لأنه لم يبق لديه شك بأنهم فروا من بطشه بعيدا بقدر ما يستطيعون " أ . هــ

...................................................................................
ليس بين يدي الباحث أي نص يعتد به حول موقع عين مزند إلا أنني أرى أنه غير بعيد عن الديار التي كانت قبيلة العمرو تنزلها حينما طلب منهم الشريف ما طلبه فمن غير المتصور أن تستطيع القبيلة وهي مرتحلة بقضها وقضيضها أن تبتعد في مسيرة ليلة واحدة مسافة بعيدة عن تلك الديار حينما أرسل الشريف حملته ورائهم لمطاردتهم وقد ذكر بعضهم أنه في منطقة شمال المدينة بجهة تبوك قال الأستاذ علي نصوح الطاهر رحمه الله تعالى : " مزند : يقال انه غربي تبوك بينها وبين العلا " أ . هــ .
قلت : العلا تقع جنوب تبوك على نحو 290 كيلا مما يعني أن مزند وفقا لنص الطاهر في الجنوب الغربي من تبوك وليس إلى الغرب منها وحدثني الشيخ مد الله بن غافل العمري شيخ قبيلة العمرو في بلاد الكرك فقال : بعد أربعين يوما اختفى العمرو متجهين شمالا وتعدوا المدينة وقال فيما نقله عنه الأستاذ محمد جميل المدني : " استقروا في المدينة شطرا من الزمن " أ . هــ . 
قلت : يتضح مما سبق بيانه أن عين مزند غير بعيدة عن مكة المكرمة فنفوذ شريف مكة يعم المنطقة حوالي مكة ويدل على ذلك أن عيون الشريف حينما اكتشفوا رحيل العمرو أسرعوا إليه فاخبروه فبادر إلى مطاردتهم مما يعني أن العمرو كانوا يقيمون في منطقة قريبة من مكة المكرمة حيث جعل الشريف رجاله يرصدون العمرو منذ أن نزلوا في أراضيه فلما ارتحلوا لم يكن يفصل بين رحيلهم ومطاردته لهم إلا مسيرة ليلة واحدة استغلوا ظلامها مرتحلين شمالا باتجاه عين مزند والتي لن تبعد عن مكة المكرمة أكثر من 50 ـــ 70 كيلا والله تعالى أعلم 
* المطاردة * 
لما علم الشريف بأمر ارتحال العمرو خلسة جهز قوة لطاردتهم وسار باتجاه عين مزند حيث نزل العمرو كما علمه من الفتى العمري وأخته فلما وصل إلى عين مزند وجد العمرو قد نزلوا هناك حدثني عطا الله العمري فقال : سار جند الشريف نحو مزند خلف العمرو فلما أدركهم هناك وقعت بنهم معركة انتصر فيها العمرو على جند الشريف فكسروهم وحدثني الشيخ عيد بن صالح الحاوي العمري فقال : طارد الشريف ورجاله العمرو للحاق بهم على ماء مزند فلما وصلوا إليه انثنى عليهم العمرو فكسروهم ثم واصلوا رحيله باتجاه الشمال وقال الأستاذ علي نصوح الطاهر رحمه الله تعالى : " لحق بالعمرو على ماء مزند فلم يلبث قليلا حتى ارتدت عليه عشائرهم ونشب بينهم وينه قتال مرير استمر طيلة النهار قتل أثناءه الشريف " قال : " وهزم جيشه هزيمة منكرة وبطبيعة الحال غادرت عشائر العمرو المنطقة مسرعة بعد ذلك " أ . هــ ، وقال لويس موسل : " وصل الشريف إلى وادي الخيل وكان فيه حرش ، أما الشيخ هزاع فتوقف محاربيه في رياض الصنم للاستراحة ونحر لهم جزورا وطلب من النساء أن يطبخنه وعندما تأكد الشيخ هزاع من اقتراب الشريف جمع محاربيه حول النار وتناول قطعة من اللحم وقال لهم : لقد علمتم بفروسية الشريف وشجاعته وأنه يقود الفرقة التي تبحث عنا ونحن نريد أن ننقذ أنفسنا لذا يجب أن يموت الشريف ، وهذه لحمة الشريف فمن يريد أن يأخذها ويأكلها ؟ فلم يجسر أحد على أخذها ، وهنا تقدمت سيدة طاعنة في السن نحو الشيخ هزاع النصيري وقالت تحث ابنها على أخذ قطعة اللحم : يا ولدي أنا ما ربيتك مثل خروف ! لكي أبيعك بل ربيتك لمثل هذا النهار ، دونك خذ لحمة الشريف من يد الشيخ هزاع ، فتقدم ابنها من الشيخ هزاع وأخذ اللحمة بيده اليمنى على راس الحربة وهو يقول : يا رضا الوالدين والتهم قطعة اللحم ثم قال : أنا لا أعرف الشريف فقالوا له : نحن ندلك عليه فركب معه خمس خيالة نحو مواقع الشريف وعندما أشرفوا على الوصول أخفوا خيولهم وصعدوا راس طاس ( طاعس ؟ ) ومن فوقه أخذوا يراقبون وهم على بطونهم تحركات الشريف وكان قبالتهم تحت التلة غدير ماء حيث كانت الفرقة تشرب من هذا الماء على شكل صفوف كل صف يشرب يأتي غيره ، فلما تبين لهم الشريف أشاروا إليه وقالوا : ذاك هو الشريف ، ورجع الفرسان إلى الشيخ هزاع ، وقد تنحى الشريف مع أحد مستشاريه بعيدا عن فرقته بعض الشيء يدخن غليونه وفي هذه الأثناء توجه الشيخ مع بعض خاصته إلى مكان الشريف والشاب وقد وثب الشاب على الشريف وطعنه بالحربة فاسقطه عن السرج وفي الحال وثب الآخرون على الشريف ومزقوه إربا فعر فذلك المكان باسم الشليخ وبعد موت الشريف تفرق جمعه واستمر العمرو باتجاه الشمال إلى أن وصلوا إلى منطقة جنوب شرق خليج العقبة " أ . هــ 
قلت : الروايات المتوفرة تقول أن الشريف المقتول هو الشريف عون ويبدو أنه قائد الجيش الذي أرسله شريف مكة لمطاردة العمرو وليس كما قد يتوهم البعض أن الشريف المقتول هو شريف مكة المكرمة فليس في أشراف مكة المكرمة الذين حكموها زمن ارتحال العمرو وذلك في أول سيطرة الأشراف على مكة من يدعى عون وفي ذكر هذه الواقعة قال جورج سابا والأستاذ روكس بن زائد العزيزي : " ارتحلوا ذات ليلة إلى الشمال ولما لحقهم الشريف بخيله ورجاله نشبت بينهم معركة كان الانتصار فيها حليف العمرو فتابع أولائك مسيرهم إلى الشمال " أ . هــ وفي ذكر رحلة العمرو قال الشاعر عبد القادر بن شتيان النميري العمري :
زحنا من اليمن يوم مارب هالــــــي ********** وطينا الحجاز رحيل بنزيلـــــــــــة 
لا عطينا الشريف من عشر الأموال ********** ولا شره ع بكارنا ياخذ ما حلي له 
وسرنا بر الشام طريق الهلالــــــــي ********** حنا حماة العطفة يومن تخيلـــــــه 
قلت : هجرة العمرو تمت في عهد الأشراف وليس في عهد تهدم سد مأرب فعندما تهدم سد مأرب لم يكن للعمرو أو الأشراف وجود لأن تهدم سد مارب تم قبل الإسلام بقرون طويلة جدا . والحديث عن فروعهم وتاريخهم .. الخ طويل جدا وتفصيل ذلك في كتابنا عن قبائل المساعيد والعمرو والنفيعات
...........................................................................................................
المصدر : ملتقى القبائل العربية




التعليقات : 0

Post a Comment


أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي كود في تعليقك، حوله بهذه الأداة ثم ضع الكود المولد لتجنب اختفاء بعض الوسوم.
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.

اهم المواضيع !

alalamnews العالم نيوز